«نيويورك تايمز»: خسارة «تيك توك» جولة قضائية تثير الجدل حول حرية التعبير بأمريكا
«نيويورك تايمز»: خسارة «تيك توك» جولة قضائية تثير الجدل حول حرية التعبير بأمريكا
أشعلت خسارة تيك توك الجولة الأولى أمام القضاء الأمريكي معركة قانونية معقدة حول حرية التعبير وحقوق البيانات، بعد رفض محكمة الاستئناف طعن الشركة بشأن قانون يُجبرها على البيع أو مواجهة الحظر في الولايات المتحدة.
ووفقا لتقرير نشرته "نيويورك تايمز"، أمس الجمعة، تضع هذه المعركة التطبيق الشهير، الذي يستخدمه 170 مليون أمريكي، في مواجهة مع حكومة تسعى لحماية الأمن القومي، وسط اتهامات بأن تيك توك قد يُستخدم كأداة لجمع البيانات لصالح الحكومة الصينية.
وأصدرت لجنة من ثلاثة قضاة فيدراليين في محكمة الاستئناف الأمريكية لدائرة مقاطعة كولومبيا، في السادس من ديسمبر، قرارًا بالإجماع برفض طعن تيك توك على القانون الجديد الذي يهدد بحظر التطبيق.
وزعمت تيك توك أن القانون ينتهك التعديل الأول للدستور الأمريكي الذي يكفل حرية التعبير، لكن القضاة أكدوا أن الحكومة الأمريكية تصرفت من أجل حماية الأمن القومي من تهديد أجنبي، وهو ما اعتبروه لا يتعارض مع حق المواطنين في التعبير.
وكتب القضاة في قرارهم: “تصرفت الحكومة فقط لحماية هذه الحرية من دولة معادية أجنبية، والحد من قدرة هذا الخصم على جمع البيانات عن الأشخاص في الولايات المتحدة".
انتهاك البيانات والتضليل
ترجع الأزمة إلى تزايد قلق المشرعين والمنظمين الأمريكيين من إمكانية وصول الحكومة الصينية إلى بيانات المستخدمين الأمريكيين عبر تيك توك، المملوك لشركة بايت دانس الصينية، تشمل هذه البيانات معلومات حساسة مثل موقع المستخدمين وسلوكياتهم على الإنترنت، بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من استغلال خوارزميات تيك توك لنشر معلومات مضللة.
ووقع الرئيس الأمريكي جو بايدن على قانون يمنح بايت دانس مهلة تصل إلى عام للتخلص من تيك توك وبيعه لشركة غير صينية معتمدة من الحكومة الأمريكية، ووفقًا للقانون، سيبدأ سريان الحظر في 19 يناير إلا إذا حصل التطبيق على أمر قضائي بوقف تنفيذه أثناء نظر الاستئناف أمام المحكمة العليا.
آلية الحظر وتأثيرها
ينص القانون على فرض عقوبات مدنية على متاجر التطبيقات مثل التي تديرها "أبل" و"جوجل" إذا استمرت في توزيع أو تحديث تطبيق تيك توك، كما سيُمنع مقدمو خدمات الإنترنت من توفير الدعم لتشغيل التطبيق.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا الحظر إلى تدهور التطبيق تدريجيًا، حيث لن يتمكن المستخدمون من الحصول على تحديثات، ما يجعله بمرور الوقت غير صالح للاستخدام.
محاولات إنقاذ تيك توك
وأثارت فكرة فرض بيع تيك توك تكهنات حول المشترين المحتملين، من بين هؤلاء المستثمرين المحتملين وزير الخزانة السابق ستيفن منوشين، بالإضافة إلى شركات أمريكية كبرى ومجموعات استثمارية.
وأبدى الملياردير فرانك ماكورت اهتمامه بقيادة صفقة شراء التطبيق، ومع ذلك، أعلنت تيك توك أن البيع قد يكون مستحيلًا، مشيرة إلى أن الحكومة الصينية قد تعارض مثل هذه الخطوة.
قلق حقوقي
وأثار القانون مخاوف لدى المدافعين عن الحقوق الرقمية من أن الولايات المتحدة قد تتخلى عن دورها في الترويج لحرية الإنترنت، ويرون أن فرض حظر على تيك توك يتعارض مع مبدأ الإنترنت المفتوح، حيث تصبح الحكومات قادرة على فرض رقابة على المنصات الرقمية.
وتعتزم تيك توك الاستئناف أمام المحكمة العليا على أمل أن توقف تنفيذ القانون أثناء نظر القضية، ويُذكر أن المحكمة العليا لها تاريخ طويل في حماية حق الأمريكيين في حرية التعبير، ما قد يعزز موقف تيك توك في هذا النزاع الدستوري.
وصفت تيك توك الحظر بأنه مجرد "مسرح سياسي"، متهمة المشرعين بمحاولة فرض رقابة على المستخدمين الأمريكيين، وقال المتحدث باسم تيك توك، مايكل هيوز، إن القانون تم إقراره بناءً على “معلومات غير دقيقة ومعيبة”.
حظر على المستوى المحلي
على المستوى المحلي، انضمت أكثر من 30 ولاية، إلى جانب مدينة نيويورك، إلى قرار حظر تيك توك على الأجهزة الحكومية، كما قامت بعض الكليات بحظر التطبيق من شبكات الـ Wi-Fi الخاصة بها، لكن الطلاب لجؤوا إلى استخدام بيانات الهواتف المحمولة لتجاوز هذه القيود، وفي ولاية مونتانا، أقر الحاكم قانونًا يحظر تيك توك بالكامل، إلا أن قاضيًا فيدراليًا أوقف تنفيذه مؤقتًا.
وتستمر المعركة القانونية حول تيك توك في الولايات المتحدة، لتصبح اختبارًا دقيقًا للتوازن بين الأمن القومي، وحرية التعبير، وحقوق البيانات، في مواجهة التوترات المتصاعدة مع الصين.